يدفع الشعب ثمن أعمال طالبان الإرهابية وتحالفها مع الإرهاب الدولي
في ١١ فبراير ٢٠٢١، وقع الرئيس الأمريكي "جو بايدن" مرسوماً يقضي بالإفراج عن ٧ مليارات دولار من اصول البنك المركزي الأفغاني المجمدة بعد احتلال طالبان.
بموجب المرسوم، من أصل ٧ مليارات دولار من أصول الاحتياطي الأفغاني في بنك الفيدرالي الأمريكي، ستُخصص ٣.٥ مليار دولار للمساعدات الإنسانية والإحتياجات الأساسية، و ٣.٥ مليار دولار ستذهب إلى عائلات ضحايا حادثة "١١ سبتمبر" كتعويض.
يُذكر أن من أصل ١٠ مليارات دولار من احتياطيات أفغانستان من النقد الأجنبي، ٧ مليارات دولار محتجزة في بنوك أمريكية، والباقي في بريطانيا، ألمانيا سويسرا والإمارات العربية المتحدة.
مع احتلال الحركة الإرهابية لأفغانستان في ١٥ أغسطس من هذا العام، تم تجميد ١٠ مليارات دولار من احتياطيات النقد الأجنبي لأفغانستان من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية لمنع طالبان من الوصول إلى هذه الأصول، مما أدى إلى انهيار الاقتصاد الأفغاني، كما واجهت البنوك نقصاً في السيولة.
يُشار لإحتياطي النقد الأجنبي إلى مجموعة من الأصول المحفوظة في خزينة البنوك المركزية للدول على شكل عملات دولية مثل الدولار، الجنيه، اليورو، الذهب والسندات المالية الأخرى.
يتم الاحتفاظ باحتياطيات النقد الأجنبي في البنوك وفقًا لمستوى العلاقات الاقتصادية للدولة وتعاملاتها الاقتصادية مع الدول الأخرى؛ ولأن الاقتصاد الأفغاني كان يتعامل على مدى عشرين عاماً مع البنوك الأمريكية على الأغلب، فإن جزء كبير من احتياطيات النقد الأجنبي للبلاد محفوظة في البنوك الأمريكية.
تلعب احتياطيات النقد الأجنبي، باعتبارها أهم داعم للنظام الاقتصادي، دورًا فاعلًا وأساسيًا في الحفاظ على قيمة العملة الوطنية، والاستقرار الاقتصادي والتنمية، والتعامل الاقتصادي على مستوى العالم.
بدأت عملية حفظ الأصول في أفغانستان بحوالي ٥ ملايين دولار في عام ١٩٦٠ ونمت إلى ٩٠٠ مليون دولار في عقدين من الزمن؛ ولكن بعد الإنكماش الاقتصادي في الثمانينيات والتسعينيات حتى احتلت طالبان كابول لأول مرة في عام ١٩٩٦، انخفض هذا الرقم إلى ٥٠٠ مليون دولار.
بدأت إحتياطيات أفغانستان من العملات الأجنبية تتزايد بعد "١١ سبتمبر" تزامناً مع زيادة المساعدات الدولية التي بلغت ٣ مليارات دولار في عام ٢٠٠٨، وحوالي ٦ مليارات دولار في عام ٢٠١٠، و ٨ مليارات دولار في عام ٢٠١٥، وأغسطس ٢٠٢١ (عند احتلال كابول للمرة الثانية من قِبل حركة طالبان العميلة) وصل هذا الرقم لأقل من عشرة مليارات دولار.
إن لامبالاة طالبان بالسلام وحل تحديات أفغانستان من خلال الحوار وإقامة حكومة وطنية شاملة رغم الضغوط العالمية والنداءات المتكررة من التيارات السياسية الداخلية - خاصة "جبهة المقاومة الوطنية في أفغانستان" أدت إلى تدمير الكيانات والمؤسسات الحكومية، وخسارة كل ما جناه الشعب الأفغاني، وانهيار النظام الاقتصادي، وتصاعد الأزمة الإنسانية، وانتشار الفقر بين الناس، وتدفق الهجرة المتزايد إلى الدول الأجنبية، وهدم تطلعات الشعب الأفغاني في تحقيق الإزدهار، التنمية والإستقرار.
بالإضافة إلى كافة الكوارث التي ألحقتها حركة طالبان الإرهابية بالشعب الأفغاني، كانت هي الذريعة لفقدان بعض ممتلكات الشعب كتعويض لضحايا "١١ سبتمبر".
حركة طالبان الإرهابية هي التي بغت، بالتعاون مع شبكات إرهابية دولية وخاصة "القاعدة" ضد الحكومة الإسلامية للمجاهدين وغزت كابول التي أصبحت لاحقاً ملاذًا آمنًا للإرهابيين الدوليين بعد أن سيطرت الحركة عليها.
دخل "اسامة بن لادن" وغيره من قادة الشبكات الإرهابية إلى أفغانستان وبدأوا في تصميم خططهم الإرهابية في البلاد، مما أدى إلى مذابح وبؤس للشعب الأفغاني وكذلك أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١.
على الرغم من أن إدارة "بوش" دعت حركة طالبان إلى تسليم بن لادن بإعتباره العقل المدبر للهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي؛ لكن طالبان لم تقبل طلب الولايات المتحدة، وبغبائهم السياسي، مهدوا الطريق للتدخل العسكري الأمريكي وكذلك فقدان أصول البنك المركزي الأفغاني.
وكل وضع سيء التي حلت بشعب أفغانستان خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، يجب محاسبة هذه الحركة الإرهابية عليه؛ ألم تبدأ هذه الحركة الإرهابية الحرب ضد الحكومة الإسلامية؟ الم تقتل آلاف الأبرياء في العمليات الانتحارية والتفجيرات التي نفذتها هذه الحركة في السنوات العشرين الماضية؟ ألم يحولوا أفغانستان إلى قاعدة إرهاب؟ ألم يضعوا السلام خلف ظهورهم وهو أمر الله؟ والآن خسارة ٣.٥ مليار دولارمن أصول افغانستان نتيجةً لتمرد واستبداد هذه الحركة المتوحشة ضد شعب أفغانستان، يجب على هذه الحركة الإرهابية أن تجيب للشعب بأي حق والشرعية يتسلطون عليهم بقوة السلاح والعنف؟.
هذه الحركة الأنانية سرقت حتى رغيف الخبز من الشعب، ودمرت النظام الاقتصادي، وتسببت في فقدان احتياطي النقد الأجنبي لأفغانستان، وكل يوم لا نرى ما عدا الإرهاب، الخطف، الانتقام، القمع، الإعتداء على الممتلكات وشرف وكرامة الناس.
السؤال الأساسي للشعب الأفغاني من هذه الحركة العميلة، هل كان الأمر يستحق اللجوء إلى القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى والتعاون معها لإغراق أمة وشعب بأكمله في الدماء قرابة ٣٠ عاما وإنفاق ثرواتها الوطنية على أنشطة القاعدة الإرهابية؟.
هذه الحركة مصممة على تدمير حياة الشعب الأفغاني، بحسب التقارير: مع احتلال طالبان لأفغانستان، زار ابن "أسامة بن لادن" زعيم القاعدة الإرهابية كابول والتقى بقادة المحتلين (طالبان).
قال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تقرير أن الجماعات الإرهابية الأجنبية، من القاعدة في شبه القارة الهندية وصولاً إلى الحركة الإسلامية في أوزبكستان، تتمتع بحرية أكبر في أفغانستان مقارنة بالسنوات السابقة، وأن نجل "أسامة بن لادن" التقى بمسؤولي طالبان الإرهابية في أكتوبر ٢٠٢١ في أفغانستان.
يذكر التقرير أيضًا أن مساعدًا لأسامة بن لادن، من سكان إقليم ننجرهار، وصل كابول في أواخر أغسطس ٢٠٢١.
ومع ذلك، في أعقاب إحتلال طالبان لكابول، جمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها احتياطيات النقد الأجنبي لأفغانستان من أجل منع المحتل الطالباني من الوصول إلى هذه الأصول؛ لكن الخطوة الأخيرة التي قام بها الرئيس "جو بايدن" تظهر أن الدول الأخرى ستحذو حذوه لتسريع الوصول إلى احتياطيات النقد الأجنبي لأفغانستان وتسريع تدفق المساعدات الإنسانية.
وما لا يريده الشعب الأفغاني هو أن يسرق إرهابيو طالبان هذه الأصول عبر خيانة الشعب في عملية توزيع المساعدات، فهم لم يفوا بأي من إلتزاماتهم تجاه الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي، وفي ظل عدم وجود آلية واضحة لضمان عدم وصول طالبان لهذه المساعدات، ستُستخدم هذه الأصول في تمويل، تجهيز، تعزيز مواقع الجماعات الإرهابية بدلاً من استخدامها في القطاع الإنساني.
يدعو الشعب الأفغاني المجتمع الدولي على أساس القرار رقم ١٩٨٨ الصادر في ١٧ يونيو ٢٠١١، والذي حدد طالبان على أنها تهديد للسلم الدولي، أن يُطَبَّق القرار والذي يتضمن تجميد الأصول، حظر السفر، وفرض قيودات على أفراد حركة الإرهابية حتى لا يواجه إستقرار العالم وسلامه المزيد من التهديدات.
وبالمثل، فإن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٢٢٥٥ لعام ٢٠١٥، الذي يركز على فرض تجميد الأصول، وحظر السفر والتسليح على الأفراد والشركات والجماعات المرتبطة بطالبان، يمكن أن يقلل من تهديدات الحركة للسلام والاستقرار، ويجبرها على قبول نظام شامل قائم على الشرعية الشعبية والديمقراطية.
إن أهم أسباب محاولة طالبان تحرير احتياطيات النقد الأجنبي هي للتمكن من دفع رواتب مقاتليها وإنهاء السخط العام من خلال تقديم بعض الخدمات كما يسموها، مما يمهد الطريق لانتشار أنشطتهم الإرهابية.
إذا لم يتم إتباع خطة صحيحة وواضحة لإنفاق هذه الأصول لمساعدة الفقراء والمحتاجين في أفغانستان، فهناك خطر من أن الشعب الأفغاني سوف يدفع ثمن تواطؤ طالبان مع القاعدة، وقد يدفع ثمناً أكبر في سبيل أطماع طالبان ما قد يؤدي لإنهيار الإقتصاد الأفغاني تماماً.