جبهة المقاومة الوطنية، كابول: في ١٩ يوليو / تموز، نشرت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) تقريرها عن أوضاع حقوق الإنسان خلال الأشهر العشرة الماضية من حكم طالبان.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان إن هذا التقرير هو ملخص لنتائج هذه الهيئة بشأن القتل، التعذيب، سوء المعاملة و الإحتجاز التعسفي للمدنيين وانتهاك صارخ لحقوق النساء والفتيات من قبل طالبان.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان في هذا التقرير إنه في الفترة من منتصف أغسطس / آب ٢٠٢١ إلى منتصف يونيو / حزيران ٢٠٢٢، قُتل ٧٠٠ مدني وأصيب ١٤٠٦ آخرون من قبل جماعة طالبان الإرهابية.
وقد وضعت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان مسؤولية معظم الضحايا المدنيين خلال هذه الفترة على عاتق " داعش"، وهو أمر مشكوك فيه بحد ذاته.
تم نشر هذا الرقم في حين أبلغت المنظمات الدولية، بما في ذلك لجنة حقوق الإنسان، وريتشارد بينيت، المقرر الخاص للأمم المتحدة لأفغانستان، مرارًا وتكرارًا عن ادلة واضحة لإنتهاكات طالبان لحقوق الإنسان وجرائم الحرب في بنجشير، أندراب، تخار، بلخاب، ننكرهار وقندهار.
هذه الأرقام هي في الواقع استهزاء بالأبرياء الذين يموتون تحت قمع طالبان كل يوم.
منطقيا، يجب أن يكون عدد الضحايا في مناطق الحرب أكثر من المناطق الأخرى.
في المناطق التي ارتكبت فيها طالبان جرائم حرب، لا يوجد ما يشير إلى وجود "داعش".
داعش، القاعدة و جماعات إرهابية أخرى تعمل تحت مظلة طالبان، وكانت المؤشرات على صلات هذه الجماعات واضحة دائمًا.
في ٢٨ مايو، أطلقت حركة طالبان النار على ثلاثة مزارعين في تخار، و في اليوم التالي، أطلق أفراد طالبان ايضا النار على شخصين في هرات وعرضوا جثثهم في وسط المدينة.
وفي اليوم نفسه، وفي حادثين منفصلين، أطلقت طالبان النار على شيخ قوم وشخص آخر في ولاية سمنغان.
وفي ١٦ مايو، قتلت طالبان شخصين في قرية "أنجمان" التابعة لمحافظة "كاران مانجان" في بدخشان.
وفي نفس اليوم، أطلقت طالبان النار على فتى صغير اسمه "عبد الله" في بنجشير.
قبل يوم واحد، قتل زعيم قبلي يدعى "جمعة ناصري" على يد طالبان في ولاية غزنة.
في ١٥ مايو أطلقت طالبان النار على شخص في ولاية تخار وألقت جثته للكلاب.
وفي اليوم نفسه، أطلق أفراد جماعة طالبان الإرهابية النار على شقيقين في بنجشير وقتلوا ثلاثة آخرين في ديه صلاح، أندراب. (١)
والجدير بالذكر ان هذه الحالات حدثت في غضون أيام قليلة وتم إتاحتها لوسائل إعلام موثوقة.
في حين أن هناك حالات قتل أخرى على يد طالبان لم يتم الإبلاغ عنها في وسائل الإعلام، من بينها عشرات الأشخاص الذين تم العثور على جثثهم في قناة للمياة في ننجرهار.
ونشرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" تقريرا في ٧ تموز / يوليو قالت فيه إن طالبان قتلت هؤلاء الأشخاص بحجة "داعش" وألقوا جثثهم في هذه القناة المائي. (٢)
وفي جزء من تقرير الأمم المتحدة تحدثت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان عن انتهاك العفو العام لطالبان وقالت إنها سجلت ما لا يقل عن ١٦٠ حالة قتل لمسؤولين حكوميين وأمنيين تابعين للحكومة السابقة على يد طالبان.
بينما كشفت الأمم المتحدة عن عدد قتلى المسؤولين الحكوميين على يد طالبان اكبر مما هو معلن، قال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، قبل سبعة أشهر في ٣١ يناير من هذا العام: منذ أستولت طالبان على أفغانستان، فإن الأمم المتحدة لديها "ادعاءات ذات مصداقية" وتشير عن مقتل أكثر من ١٠٠ من أعضاء الحكومة السابقين وقوات الأمن السابقة والأشخاص الذين تعاونوا مع المنظمات الدولية.
وذكر الأمين العام للأمم المتحدة هذا الرقم بعد نشر تقرير لوكالة أسوشيتيد برس عن مقتل جنود سابقين في الحكومة الأفغانية على يد طالبان.
كان هذا عددًا محتملاً وكان العدد الفعلي لقتلى الجنود السابقين في الأشهر الخمسة من حكم طالبان أعلى من ذلك بكثير، لكن الآن تسرد الأمم المتحدة رقم العشرة أشهر على أنه ١٦٠، وهو ما يظهر بوضوح "إخفاء الحقيقة".
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير استقصائي نُشر في ١٢ أبريل من هذا العام مقتل وخطف ما لا يقل عن ٥٠٠ من قوات الأمن والمسؤولين الحكوميين السابقين في الأشهر الستة من حكم طالبان.
قالت صحيفة نيويورك تايمز، في شرحها لمنهجيتها في إعداد هذا التقرير، إن هذا التقرير استخدم مجموعة متنوعة من أساليب التحقق، بما في ذلك إجراء التحقيقات بالفيديو، الطب الشرعي، دعم التقارير الإخبارية المحلية، التعاون مع منظمات حقوق الإنسان، إجراء مقابلات مع الناجين وأفراد أسر الضحايا. (٣)
وبحسب هذا التقرير فإن القتل الإنتقامي واسع النطاق طال جميع مناطق البلاد ما تسبب في تفكك العائلات و في هذا التقرير تهم تاكيد إعلان طالبان بـ "التسامح والإعتدال" مع المعارضة بـ "الكاذبة".
كما قيل كان هذا التقرير حول قتل طالبان في الأشهر الستة الأولى من غزوهم لأفغانستان ٥٠٠ شخص! فكيف يمكن اعتبار تقرير الأمم المتحدة حقيقيا في حين أن إحصائيات الأمم المتحدة بإجمالي ١٧٨ حالة اعتقال تعسفي و ٢٣ حالة اعتقال دون اتصال خلال ١٠ أشهر هي ٣٦١ حالة و هذا يوكد ان الرقم أقل من الرقم الذي كشفت عنه نيويورك تايمز في ستة أشهر!
تتوقع الأمم المتحدة في هذا التقرير رداً من طالبان بتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.
الرغبة في التحقيق في قضايا حقوق الإنسان من مجموعة إرهابية تدفع العقل إلى التساؤل.
يذكر في جزء من هذا التقرير أن هذه المؤسسة سجلت ١٨ حالة قتل و ٥٤ حالة تعذيب وسوء معاملة و ١١٣ حالة اعتقال تعسفي لأعضاء جبهة المقاومة الوطنية في أفغانستان.
وجاء في هذا التقرير أن ٢١٧ حالة من العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة نفذتها طالبان بعد ١٥ أغسطس / آب.
هذا الجزء من تقرير بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان هو الأكثر إثارة للتساؤل.
يتم إلقاء القبض على مئات الأشخاص وتعذيبهم وإطلاق النار عليهم يوميًا في جميع أنحاء أفغانستان بحجة ارتباطهم بجبهة المقاومة الوطنية.
١٨ حالة قتل ذكّرتها الأمم المتحدة، حدثت في أسبوع واحد وفي منطقة واحدة فقط.
بلغ عدد الأشخاص الذين قتلوا على يد طالبان للاشتباه في علاقتهم بجبهة المقاومة الوطنية في أفغانستان أكثر من ٢٥٠ شخصًا.
مثل هذا البيان من منظمة مثل الأمم المتحدة يبدو غير مرجح في عصر يدرك فيه الناس طبيعتهم أكثر فأكثر، فإن المؤسسة ذات هذا النهج المتطرف هي إهانة للمجتمع والناس.
وقالت هذه المؤسسة إنه بعد سيطرة طالبان حُرمت النساء والفتيات "تدريجياً" من حقوقهن في التعليم والعمل وجوانب الحياة الأخرى.
بينما مباشرة بعد غزو هذه الجماعة للبلاد، تم إبعاد النساء من جميع المستويات ولم تكن هذه العملية تدريجية على الإطلاق؛ حُرمت النساء والفتيات تمامًا من التعليم في الأيام الأولى لغزو طالبان، وأغلقت أبواب المدارس الحكومية في وجههن منذ اليوم الأول.
وفي جانب آخر، قالت الأمم المتحدة إنه تم تسجيل ١٧٣ حالة انتهاك لحقوق الإنسان ضد صحفيين وإعلاميين، ١٦٣ منها تتعلق بطالبان.
هذا على الرغم من حقيقة أن الإعلام الأفغاني إنهار بعد احتلال طالبان، والجدير بالذكر يتم نشر جميع البرامج الإعلامية بناء على طلب طالبان، ولا يسمح لوسائل الإعلام بنشر أي برامج أو حتى تقارير دون التنسيق مسبق مع الجماعة.
لقد ألقت جماعة طالبان الرقابة بظلالها الكاملة على الإعلام الأفغاني، ويمارس القمع بمعناه الحقيقي على وسائل الإعلام والصحفيين.
الصحفيون الذين يغطون نشاطات مدنية يتعرضون للتعذيب، الضرب، الإهانات والإذلال من قبل طالبان. (٣)
في ٢٨ مارس من العام الجاري، اعتقلت طالبان ٣ صحفيين في ولاية قندهار.
كما قُبض على صحفيين اثنين في نفس اليوم في ولاية هرات و نشرت مراسلون بلا حدود تقريراً في ١١ يونيو / حزيران، وأعلنت أنه في مايو / أيار، عن إعتقال طالبان لـ ١٢ صحفياً في أفغانستان.
بصرف النظر عن هذه الحالات، ستكتشف حقيقة ما تغطيه الأمم المتحدة من خلال زيارة المطبوعات الإعلامية الأفغانية ومقارنتها بوسائل الإعلام قبل عدوان طالبان. (٤)
واعتبرت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان أن السبب الرئيسي لمقتل الصحفيين هو تنظيم "داعش".
بعد آب (أغسطس) من العام الماضي، ترسخت داعش في البلاد ونمت في ظل حركة طالبان كمجموعة ذات جذور وموارد مشتركة، لا شك أن داعش مثلها مثل طالبان، هو عدو الشعب الأفغاني، ولكن كيف يمكن لجماعة سبب مقتل آلاف الأفغان أن تدعي أنها السبب الرئيسي لقتل الصحفين هو جماعة إرهابية أخرى؟ الجواب على هذا السؤال يوصلنا إلى حقيقة الأمر وهو إخفاء الجرائم التي ترتكبها الجماعة الإرهابية نفسها.
وفي جزء من التقرير، أشارت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان إلى نقص الغذاء، الرعاية الطبية والإمدادات الصحية للسجناء وتعليق برامج التدريب المهني.
وعلى الرغم من أن بعض أجزاء التقرير تحدثت عن معاقبة السجناء إلا أنه يجب أن نشير إلى التقرير الاستقصائي لصحيفة "إندبندنت" ، والذي نشر في ٣ يوليو من العام الجاري.
وفي السطور الأولى من هذا التقرير الاستقصائي ، الذي كشف عن الأعمال الوحشي التي ارتكبتها طالبان ضد السجناء، أشير إلى أنه في الأشهر العشرة الماضية، لم تتمكن أي مؤسسة أو منظمة، بما في ذلك الأمم المتحدة، من زيارة هذه السجون. (٥)
جاء في جزء من تقرير" إندبندنت" أنه: لم يُسمح لأي منظمة أو مؤسسة، بما في ذلك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان، بزيارة السجون التي تسيطر عليها طالبان في الأشهر العشرة الماضية من أجل مراقبة أوضاع المعتقلين.
هذا الإختلاف يقربنا من التناقض في تقرير الأمم المتحدة والتقارير الموثقة الأخرى.
التقرير الأمم المتحدة الفعلي الذي لم يُنشر في يوليو من هذا العام، حصلت مجلة فورين بوليسي على نسخة منها و الذي أظهر فيها إساءة طالبان لمعاملة النساء والأطفال، خنق الإعلام واستهداف نشطاء المجتمع المدني، وإغلاق المنظمات الإنسانية والمنظمات الحقوقية واستبدال التعليم العام بمدارس ديني ذات نهج متطرف.
وقالت فورين بوليسي في هذا التقرير إن هذه النسخة من تقرير "يوناما" تؤكد تفاصيل الإنتهاكات والتجاوزات "الجسيمة" من قبل جماعة طالبان.
في تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الذي كتبته "لین اودانل" تمت الإشارة إلى أن تقرير بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان "يوناما" يكشف أن تساهل الأمم المتحدة لمدة عام تقريبًا مع طالبان أحدثت فرقًا كبيرًا في تجاهل طالبان لحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الحق في الحصول على الغذاء والتعليم. (٦)
في هذا التقرير، كشفت "لین اودانل" وهو صحفية إسترالية و الذي كان رئيسًا لمكتب وكالة "فرانس برس" و وكالة "أسوشييتد برس" في أفغانستان بين عامي ٢٠٠٩ و ٢٠١٧، واعتُقل مؤخرًا في أفغانستان من قبل طالبان.
كتب الصحفية الإسترالية في مقال: "أفغانستان أصبحت فريسة للإرهابيين الذين لا يستطيعون التحول من مرتزقة إلى هيكل حكومي".
أكمل "لین اودانل" أنه تعرف على الوجه الحقيقي لطالبان في كابول: وهو وجه عنيف، متعجرف، يفتقر إلى الإنسانية ووفقا له، يمكن رؤية الخوف على وجوه أهل المدينة الناس الذين ليس لديهم عمل أو مال أو أمل في المستقبل.
وأكد "لین اودانل" أنه تم اعتقاله من قبل "طالبان" و تحت الضغط اضطر للإعتذار بكتابتها تغريدات جبرية". (٧)
أوضح الكاتب في "فورين بوليسي" أن طالبان هددته بنشر نص اعتذار على حسابه على تويتر، وإلا فسيسجن ويواجه مصير مجهول.
وبحسب قوله، غردت طالبان من حسابة تحت الضغط وفي نفس الوقت سجلت فيديو له اعترف فيه بأنه لم يتعرض لي ضغط.
يقول إنه بعد إطلاق سراحه من قبل طالبان، طلب منه الإذن بالذهاب إلى بنجشير، لكن طالبان رفضت طلبه.
الأمر المشكوك ليس نهج طالبان تجاه هذا المراسل البارز لصحية "فورن بوليسي"، ولكن الفرق بين النسخة المسربة لتقرير الأمم المتحدة في "فورن بوليسي" وتقرير حقوق الإنسان الأخير لهذه المنظمة.
كما ذكرنا من البداية، فإن تقرير المنظمات الدولية حول الوضع في أفغانستان في ظل حكم طالبان يختلف كثيرا عن تقرير بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان.
يجب أن تتبنى المنظمات الدولية سياسات جديدة لتواصل ومساعدة الناس، لكن هذه السياسات لا ينبغي أن تأتي على حساب إخفاء الحقيقة وتبرئة جماعة إرهابية.